وارتبك الشوق ...!
سُجنت قدامها الحافيتين بين حبات ذهبية... تتعانق مع الموج بين الفينة والأخرى
سُجنت قدامها الحافيتين بين حبات ذهبية... تتعانق مع الموج بين الفينة والأخرى
رُسم المكان كلوحة فنية... كانت ألونها التعاسة والبؤس...تبتسم الأن بلا معنى
تك تك
تك تكدقائق تمضي...ثواني تقضي... والحال بال... ودوام الحال... من المحال... فقط للآمال... أما لجلاء الآلام.. فمن الخيال
هي سمكة صغيرة ضالة... في بحر لجوج... ومدينة تطوقها البروج...وساحة مكتظة بالمروج...وقلب بالجرح فياض ...مجرد
سواد على بياض
ليبكي لبها.......!... فلو أدمعت العين... قد تجد تلك اليد الحانية
لمسحها أما إن أدمع القلب.....
فإن النار ستوقد بالعود... ولا يخمدها إلا الوقود... هه وهل سمع المرء يوماً...بوقود يطفئ النيران ؟!...
أو بغبار يروي ظمآ العطشان ؟
هكذا هي...كلما حاولت إطفاء اللهيب ...يزيد اشعالها غياب الحبيب...
تتمنى لو تغيب احزانها مثل الشمس...وتعود البهجة إليها
كالأمس...حتى ولو سويعات
قليلة من الليل... لكن الدمع يزداد في السيل ....وبقسوة...!
لقد نيست ألوان تلك التي يسمنها....بالسعادة ...وعشقت البكاء على حافة الوسادة... فلم تعد ترتدي سوى ثوب الشجون...بعد ان رث
ذاك الثوب الحنون...وهام الحالم
في قفر الجنون.
كم هو مؤالم.... ان تجد أكثر شخص يحبك... هو الحزن والهموم ... هو صار أنيسها الوحيد...ورفيقها العنيد
هي تجزم انها لو نسيته فهو لن ينساها أبداً...تتأمل الأن بحداد ابتلاع البحر لشمس.... كم تمقت البحر... كان الشاهد الوحيد على
السهم الذي غرس في صدرها
قبل دهر!
قبل سنة فقط... قبل ان تلتقى به... كانت همتها تنطح شُم الجبالِ... كانت هي قمر الليالي... ما كان للحياة ظن... بريئة لا تعرف
الهم...إلى ان غدرتها
تلك الغمزة...من تلك العين زرقاء ...وأسمٍ يحمل الألف دون الهمزة...فتتوتر
كالحمقاء...لتستحي وتطأطئ
ذروتها... وابتسامة الخجل طايبت ثغرها ... فتعلق قلبها
به...وكان هو كل شيء في الدنيا بالنسبة لها... لكنه طعنها ...وببرود
يختلق عذراً
يروع الفواجع...ولا يبرح المواجع...( هي من أفرطت في حبها فلتستحق إذاً ما جرى للبها)...كم
كانت فضيعة
كلماته...والأفظع رحيله برفاته...هنا....في هذا المكان...حيث وجدت
وفقدت الحنان ...لكن جنون الشوق يصليها... تصرخ والألم
يعتليها.... ( لقد جنتْ
اشواقِ... وانت لا تكتفي من فراقِ...ارجع فصدري يزيد في احتراقِ... وليتَ لك قلب يعلم...بأن
جرحك
مؤلم)... لكن هي السبب... هي من اشعلت خيالها بدون حطب ... ليطير بها رماد
الأحلام الوردية...والبحث عن عيشة
هنية...لينتزعها الواقع ويرميها في الدرك الأسفل
من العذاب...والشوق لمن في الغياب...وما أصعب الشوق بفراق الأحباب...شوق
طويل
المدى...يلعثم الصدى...والمرارة لمن فدى...أتعلمون لما تكره البحار وموجها؟...لأنها
أعلنت عليها بفوزها ....وسرقت منها زوجها...أجل زوجها... وماذا كنتم تظنون؟...عاشق مجنون؟...ترك عشيقته تغرق في
دمع العيون...لا والله فدموعها لا تهون
صارت الأن تردد الفاجعة بهمس...وكأن ما حدث كان بالأمس ( كان يشبك يدي بأصبعه الخمس...بلهفة يقودني الى القارب...تبعته
بدون أن احارب... جلس قربي يقول
بسعادة)...( أعدكِ بالسفر بعد الولادة...)
اخذهم الزورق الى مسافة بعيدة... فزعوا عندما أدركوا ان سفينة فقيدة...فحل
المساء...واسودت السماء...واهتز الماء...هاج
الاعصار...وحل الدمار...وسقط
الشراع...وسقط الزوج بعد صراع...فحاولت مسك الذراع...لكن للموج ابتلاع...وما وراء
الابتلاع إلا الضياع...تصرخ وتبكي...:( لا ترحل فابنك يريدك...ويا ليت البكاء
يعيدك)...استيقظت لتجد نفسها في المشفى...وما
كان لقلبها أن يشفى...لا تستطيع حتى
البكاء...فالصدمة كانت أكبر بلاء...فالبكاء لن يعيد ما فات...ولا أحد يعلم بأن
زوجها
مات...جاءها الطبيب خافض الجبين...ليغرس في صدرها السكين...قائلاً بتحسر
وأنين ( لقد مات الجنين ...)
(لقد مات الجنين...)
(لقد مات الجنين...)
ظلت تتردد في عقلها كالرنين...فتهاوى آخر ما تبقى من قلبها
المتين...رحل الزوج...ورحل بعده البنين...وخلفوا وراءهم قلب
حزين...وألم دفين...
صحت الأن من ذكرها...ونزل الدمع من عيناها...فجرى حارقاً وجنتاها ...
مات غريقاً في بحر بنغازي...فما عادت تحتمل
التعازي...و لا الكون به يوازي.....تخبط
المد فجأتاً بقدامها...ليذكرها لما هي هنا ؟...هي هنا لتنهي أشواقِهْ...وتلقي به بعد طول
فراقه...تقدمت نحو
البحر بخطوات...و العقل يسقط في الظلمات...داعب الماء جسدها النحيل...حتى وصل الى
كتفها
الهزيل...وقبل ان تستلم للمياه... هزها ذاك العويل...(ارجعي يا عزيزتي... فالانتحار
طريق الجحيم...وربكِ رحيم...ارضي بحكمه
واصبري....فإن اللقاء في جنَّة النعيم)...خضها
ذاك النواح الرخيم...ارتعش جسدها عنوة...تذكرت ان الصبر مفتاح الفرج...وما
من صابر
دخل في الغم إلا وخرج...تذكر الله وتستغفر...وترجوه أن يخرجها من البحر والهم...ومن
الموج و الغم...فرفعها الموج
الى فوق...وجرها الى الضفة...ارتبكت بعد أن كان لقائه
اشد التوق... والحنان والعفة...لتشعر أن ذاتها سجينة في طوق...فتضهد
القلب...وارتبك الشوق...!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق